لجنة دعم الصحفيين: استهداف خيمة الإعلاميين في مستشفى الشفاء جريمة حرب تستوجب المساءلة الدولية
تدين لجنة دعم الصحفيين بأشد العبارات الجريمة البشعة التي ارتكبتها الجيش الاسرائيلي مساء الأحد 10–11 آب/أغسطس 2025، حين وجه ضربة جوية مباشرة على خيمة مخصصة للإعلاميين عند مدخل مجمّع الشفاء الطبي في مدينة غزة، ما أسفر عن مقتل كل من:
- الصحفي أنس الشريف، والصحفي محمد قريقع (مراسلان – قناة الجزيرة)
- المصوران الصحفيان إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة
- المصور الصحفي محمد نوفل (مساعد مصور)
- المصور الصحفي محمد الخالدي (شبكة ساحات الإعلامية)
كما أصيب عدد من الصحفيين بجروح متفاوتة، من بينهم: أحمد الحرزين، محمد قيطة، ومحمد صبح (مراسل قناة الكوفية).
ويأتي هذا الاستهداف بعد أسابيع قليلة من تهديدات علنية أطلقها الجيش الاسرائيلي بحق الصحفي أنس الشريف، في إطار حملة تحريض ممنهجة ضد الصحفيين الفلسطينيين. وعقب الهجوم، ادّعت السلطات الاسرائيلية أن الشريف "قيادي في حماس"، وقدّمت صوراً ووثائق مزعومة دون السماح لأي جهة مستقلة بالتحقق منها أو إخضاعها للفحص الفني، وهو نمط متكرر سبق أن وثقته منظمات صحفية وحقوقية، منها لجنة حماية الصحفيين (CPJ)، التي سجلت مقتل نحو 186 من العاملين في الإعلام منذ بدء الحرب على غزة.
الإطار القانوني الدولي الإنساني لاستهداف الصحفيين
أولًا: الحماية القانونية للصحفيين
- المادة (79) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف (1977)
- تؤكد أن الصحفيين الذين يؤدون مهام مهنية في مناطق النزاع المسلح يتمتعون بوضع المدنيين، ويجب حمايتهم من أي هجوم، ما لم يشاركوا مباشرة في الأعمال العدائية.
- المادة (48)
- تلزم أطراف النزاع باحترام مبدأ التمييز بين المقاتلين والمدنيين، وعدم استهداف المدنيين أو الأعيان المدنية.
- المادة (51)
- تحظر الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة التي قد تلحق أضرارًا مفرطة بالمدنيين أو الممتلكات المدنية مقارنة بالميزة العسكرية المرجوة.
- المادة (57)
- تفرض على أطراف النزاع اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب أو تقليل الأضرار اللاحقة بالمدنيين والأعيان المدنية.
- القاعدة العرفية (34) من القانون الدولي الإنساني
- تنص على وجوب احترام وحماية الصحفيين المدنيين في النزاعات المسلحة ما لم يشاركوا مباشرة في الأعمال العدائية.
ثانيًا: التطبيق على حالة استهداف خيمة إعلامية في غزة
حتى في حال افتراض صحة مزاعم الجيش الإسرائيلي بشأن أحد الضحايا، فإن استهداف خيمة إعلامية تقع في محيط مستشفى يتمتع بحماية خاصة بموجب القانون الدولي الإنساني، وفي وجود عدد من الصحفيين المدنيين، يعد:
- انتهاكًا لمبدأ الضرورة العسكرية
- لا يبرر تحييد هدف واحد مزعوم توجيه ضربة تؤدي إلى خسائر مدنية جسيمة.
- خرقًا لمبدأ التناسب
- الخسائر المدنية المتمثلة في مقتل خمسة صحفيين وإصابة آخرين تفوق بشكل صارخ أي ميزة عسكرية محتملة.
- إخلالًا بواجبات الاحتياط
- لم تُتخذ التدابير الكافية لتجنب إصابة المدنيين رغم وضوح الطابع المدني للموقع.
الانتهاكات القانونية في الواقعة
- مبدأ التمييز: استهداف موقع إعلامي معلَّم يضم مدنيين (صحفيين)، رغم أن غالبيتهم العظمى مدنيون محميون.
- مبدأ التناسب: خسائر مدنية جسيمة وغير متناسبة مع أي مكسب عسكري محتمل، في خرق للمادة 51(5)(ب) من البروتوكول الإضافي الأول.
- مبدأ الاحتياط: غياب أي تدابير عملية لتقليل الضرر على المدنيين، وعدم إصدار تحذير مسبق.
تحليل الادعاءات الإسرائيلية:
- عبء الإثبات: القانون الدولي الإنساني يفرض على الطرف المهاجم تقديم أدلة مستقلة وموثوقة على المشاركة المباشرة في الأعمال العدائية. الوثائق الإسرائيلية أحادية المصدر ولم تُتح للتحقق المستقل، ما يجعلها غير كافية قانونياً.
- معيار المشاركة المباشرة: حتى مع صحة الوثائق، فإن الانتماء السابق لتنظيم مسلح لا يثبت المشاركة المباشرة في الأعمال العدائية وقت الاستهداف.
- مبدأ الشك لصالح المدني: عند وجود شك، يجب افتراض الوضع المدني للفرد، وهو ما لم تلتزم به قوات الاحتلال في هذه الواقعة.
بالخلاصة، فإن استهداف خيمة الصحفيين في محيط مجمّع الشفاء الطبي يمثل انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي الإنساني، وقد يرقى إلى جريمة حرب تستوجب المساءلة أمام المحكمة الجنائية الدولية والآليات الأممية المختصة.
وعليه، تدعو لجنة دعم الصحفيين إلى:
- فتح تحقيق دولي مستقل وشفاف في الجريمة بإشراف الأمم المتحدة.
- محاسبة المسؤولين عن إصدار وتنفيذ أوامر الهجوم.
- توفير آليات حماية دولية عاجلة للصحفيين في مناطق النزاع.
- وقف سياسة منع وصول الإعلام الدولي المستقل إلى غزة، وضمان حرية التغطية الصحفية.
- إن استمرار استهداف الصحفيين في غزة يهدد حق المجتمع الدولي في الوصول إلى الحقيقة، ويمثل جزءاً من نمط ممنهج لإسكات الصوت الحر وتكميم الإعلام.
لجنة دعم الصحفيين
11-8-2025