ما يتطلبه الحفاظ على الإعلام المستقل حول العالم

2022-05-27 12:10

التقارير

المصدر:  JENNIFER DORROHijnet 

يشمل دور مؤسسات الأخبار المستقلة محاسبة أصحاب النفوذ وتقديم المعلومات الهامة لمجتمعاتها، ولكن العديد منها يواجه صعوباتٍ مالية واحتمالات التوقف عن العمل.

وعلى الرغم من وجود قصص ونماذج لبناء مؤسسات أخبار ناجحة، إلا أنّه "لا توجد وصفة موحدة" لتنفذها جميع المؤسسات، بحسب باتريشا توريس-بيرد، المديرة العامة لقسم خدمات الاستشارات الإعلامية لدى الصندوق الاستثماري لتطوير وسائل الإعلام (MDIF)، والتي يدعم فريقها استدامة وسائل الإعلام من خلال توفير الدعم الفني ودعم المشروعات لصالح محفظة الاستثمار العالمية للصندوق.

وأضافت توريس-بيرد أنّ أي مؤسسة أخبار تهدف إلى الحفاظ على عملها ماليًا يجب أن تُعِد خطة الأعمال الخاصة بها والمصممة خصيصًا لتناسب جمهورها.

ولتحقيق ذلك، أطلق المركز الدولي للصحفيين برنامج "إليفيت" بهدف مساعدة الصحفيين في تطوير مشروعاتهم الإخبارية المستقلة. ويشمل هذا البرنامج العالمي تبادل الخبرات والتدريبات وتقديم المنح، مما يتيح لرواد الأخبار تطوير مهارات الأعمال اللازمة لتنمية مؤسساتهم الإخبارية الصغيرة والمتوسطة والحفاظ على ديمومتها من أجل الاستمرار في إنتاج الأخبار المستقلة والدقيقة.

والآن، بعدما تمّ اختيار الدفعة الأولى من المشاركين في البرنامج، تجري توريس-بيرد مقابلات مع كل منهم لتقييم احتياجاتهم واقتراح الموجّهين المناسبين لهم. وقد استعان البرنامج بجيمس برينر، الخبير في استدامة وسائل الإعلام الإخبارية العالمية، للمساهمة في اختيار المشاركين.

وبعد إجراء 50 مقابلة مع المتقدمين إلى البرنامج، تحدث كل من برينر وتوريس-بيرد مع المركز الدولي للصحفيين لمشاركة آرائهما حول استدامة مؤسسات الأخبار العالمية.

المركز الدولي للصحفيين: ماذا لاحظت بشأن رواد غرف الأخبار الذين أجريت المقابلات معهم؟

برينر: لاحظت أنهم يتمتعون بحسٍ عالٍ بخدمة المجتمع، إذ يضعونها على رأس أولوياتهم. فهُم يريدون منح الصوت لمن يتعرضون للتجاهل أو الإساءة من قبل أصحاب النفوذ. كما يرغبون في تقديم المعلومات التي يعتبرونها ضرورية ولكنها غير متوفرة في أي مكان آخر.

توريس-بيرد: لقد لاحظت أنّ المتقدمين إلى برنامج "إليفيت" يقومون بعمل جيد جدًا، فهُم يقدمون المعلومات الهامة و/أو الأدوات لتحسين الإعلام، وهو أمر شديد الأهمية لأي مجتمع. كما يحقق أغلب المشاركين الكثير بأقل المتاح من التمويل والموظفين.

المركز الدولي للصحفيين: ماذا أدركت بشأن احتياجات الإعلام المستقل والتحديات التي يواجهها بعد التحدث إلى هؤلاء المتقدمين والمشاركين؟

توريس-بيرد: كما هو الحال مع أغلب مؤسسات الإعلام (عالميًا)، فإن القدرة على إيجاد و/أو إنشاء نموذج مستدام يمثل تحديًا كبيرًا. فالصحافة بحد ذاتها تمثل تحديًا كبيرًا أمام تحقيق الدخل، كما أن بعض المتقدمين للبرنامج يعملون في ظروف صعبة اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا.

ويبحث جميع المتقدمين عن النماذج التي يمكنهم تنفيذها أو تعديلها لتناسب مؤسساتهم وأسواقهم ومناطقهم من أجل خدمة جمهورهم وزيادة تأثيرهم.

كما يعتمد البعض – وليس الجميع – على المنح بشكل كبير، مما يجعل التوجه نحو مصادر جديدة للدخل أكثر صعوبة. والأمر ليس مستحيلًا، ولكنه يتطلب نهجًا مختلفًا تمامًا، وهنا يستطيع برنامج "إليفيت" إحراز تقدم كبير.

برينر: المشكلة الأساسية هي بالطبع الجانب المالي. فالعديد من هذه المؤسسات تعيش على "الحافة المالية" في انتظار المنحة القادمة، مما يجعلها في وضع هش للغاية.

ولكن المشكلة الأخرى هي مسألة التدريب، إذ تفتقر العديد من هذه المؤسسات الصغيرة إلى الخبرة في أساسيات إدارة الأعمال. وحتى إن كانت غير هادفة للربح، فهي لا تزال تعتبر شركات، من حيث الحاجة إلى إدرار الدخل الكافي لدفع أجور الموظفين والحفاظ على الموقع الإلكتروني. لذا تحتاج هذه المؤسسات إلى التدريب في الحسابات والإدارة المالية والشؤون الإدارية وشؤون الموظفين، فضلًا عن الاستخدام الفعّال للتكنولوجيا، سواء لإدارة المحتوى أو لتحسين التوزيع من خلال القنوات التي تستخدمها المجتمعات المستهدفة.

كما تحتاج هذه المؤسسات إلى تفرغ أحد موظفيها بشكل تام لإدرار الدخل والتسويق والمبيعات. ولكن بإمكان الآخرين الذين يتمتعون ببعض المهارات في هذه المجالات أن يساهموا في تسريع النمو وزيادة التأثير من خلال الحصول على التدريب المتخصص، مثل نوع التدريب الذي يقدمه برنامج "إليفيت".

هل كانت هناك مفاجآت؟ كيف ولماذا؟

توريس-بيرد: من بين الأمور التي فاجأتني هو أن [مؤسسات الأخبار] ليس لديها تصور واضح عن جمهورها المخلص، إذ تميل وسائل الإعلام إلى التركيز على عدد الزيارات والمشاهدات، بدلًا من العمل على خدمة القراء المخلصين الذين يستمرون في العودة لاستهلاك المزيد من المحتوى. وفي غياب تصور واضح عن المستهلكين، يصبح من شبه المستحيل أن تنجح هذه المؤسسات في خدمتهم أو تلبية احتياجهم للمعلومات والمحتوى أو تقديم أي خدمات أخرى يمكنها – في حالة تنفيذها بشكل سليم – أن تدر الدخل أو تحصل على الدعم من إيرادات القراء.

برينر: لقد فاجأني مدى تشابه المشاكل في جميع أنحاء العالم. فالمخاوف الرئيسية تتعلق بالصحة العامة والبيئة وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والانتخابات العادلة وحرية التعبير والمساواة.

ونظرًا لأن العديد من المؤسسين والمديرين لم يتعلموا أبدًا الضوابط المالية الأساسية، فإنهم يواجهون صعوبة في معرفة ما إذا كانوا قد حققوا الأرباح أو تكبدوا الخسائر في الشهر أو الربع السابق. لذا يمكنهم الاستفادة من التدرب على تقييم تكلفة أنشطتهم وطرح أسئلة مثل: هل يكلفنا هذا المشروع أموالًا أكثر مما يدر؟ هل سيتسبب هذا المشروع الجديد الذي اقترحه الممول في سحب وقت فريقنا وطاقته بعيدًا عن مهمتنا الأساسية مع تحقيق القليل من الفوائد المالية؟ ويعد هذا النوع من تحليل التكلفة والعائد جزءًا من النشاط اليومي في أي عمل، ويمكن لرواد الإعلام الرقمي أن يستفيدوا من التدريبات في هذا المجال.

هل تودون طرح أي أفكار أخرى بشأن هذه العملية أو الإعلام الإخباري المستقل بشكل عام؟

توريس-بيرد: للحفاظ على الاستقلالية، لا تتمتع وسائل الإعلام بأي خيار سوى البحث عن طرق لدعم صحافتها ماليًا. ولا توجد وصفة موحدة تناسب الجميع، فلا يمكن نسخ نماذج الآخرين، ولا يتضمن الأمر دائمًا خيارات بسيطة مثل تنفيذ المبيعات. وتوجد اختلافات واسعة حسب كل سوق ومعدلات الإعلان الرقمي وقيمة الأعمال وتكلفتها، وكلها أمور يجب أن توضع في الاعتبار عند تقديم الاقتراحات والتوصيات والدعم لمساعدة وسائل الإعلام في البحث عن طرق للبقاء والاستمرار في خدمة مجتمعاتها.

برينر: دائمًا ما أنبهر بالشجاعة والالتزام الذين يتمتع بهما رواد الإعلام الرقمي، على الرغم من مواجهتهم لتهديدات هائلة من المصالح التجارية والسياسية القوية. ويلهمني إيمانهم برسالتهم المتمثلة في تقديم معلومات موثوقة وذات مصداقية.


الصورة الرئيسية من بيكسلز بواسطة ماديسون إنوي.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى عبر المركز الدولي للصحفيين، التابعة له شبكة الصحفيين الدوليين.