تقرير موجز حول: خطاب الكراهية في وسائل الإعلام اللبنانية تجاه اللاجئين

2019-07-08 01:53

التقارير

المدخل 

تتضمن المعاهدات والقوانين الدولية دعوات صريحة إلى تجريم خطابات الكراهية والرسائل التحريضية وقد دعت هذه التشريعات الأممية إلى ردع كل خطاب من شأنه أن يثير الفتن ويحرض على العنف ضد فئة معينة على خلفية الاختلافات العرقية أو الدينية أو ما شابه ذلك. 

ورغم غياب أي تعريف حاسم لمفهوم خطاب الكراهية إلّا أنّ بالإمكان استلهام تعريف موجز من جملة النصوص ذات الصلة.

وعليه، تضع لجنة دعم الصحفيين بين أيديكم تقرير موجز حول خطاب الكراهية وتمّ اتخاذ الإعلام اللبناني كنموذج لما له من تأثير هام خاصة في الآونة الأخير وقضية اللاجئين السوريين. وينقسم التقرير إلى 4 أقسام رئيسة أولها التعريف بماهية الخطاب الكراهية بحسب القوانين والمعاهدات الدولية إضافةً، أما القسم الثاني فيتناول مبدأ كامدن في معرفة خطاب الكراهية ومبادرة الأمم المتحدة لمواجهته، أما القسم الثالث فيستعرض سلسلة من النماذج التي رصدها اللجنة في الإعلام اللبناني، وأخيرًا يختتم التقرير بمجموعة من التوصيات تهدف إلى مكافحة خطاب الكراهية. 


ملاحظة:

  • لم يعتمد التقرير منهج السير الكامل إنما اكتفى بالإشارة إلى نماذج مختصرة دالة
  • تدعو اللجنة إلى تقارير أوسع وأوفى تتعاون عليها فرق متخصصة 
  • لم يذكر التقرير نماذج من البيانات والتصريحات اللبنانية التي تشير إلى ملاحظة وجود خطاب كراهية في الإعلام اللبناني 

القسم الأول: تعريف مفهوم خطاب الكراهية في المعاهدات الدولية

لقد تطرقت مجموعة من القوانين الدولية والمعاهدات لمفهوم الكراهية وقامت بتحديده وتجريمه ومن أهم هذه القوانين والمعاهدات نجد:

أولًا: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 2 "حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء.

وفضلًا عما تقدم فلن يكون أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلًا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود". 

كما أكّد الإعلان العالمي لحقوق الانسان في المادة 3 ضمانة "الحق لكل فرد في الحياة والحرية وسلامة شخصه".

مشيرًا في المادة 7 على أنّ "كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة منه دون أية تفرقة، كما أنّ لهم الحق في حماية متساوية ضد أي تمييز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا".

ثانيًا: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 18 حول حرية الفكر والوجدان والدين واجبات ومسؤوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:

  • لاحترام حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية أو سمعتهم؛
  • لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة؛

وحظرت المادة 20 من العهد وبالقانون "أية دعاية للحرب" و"أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف".

وبالتوقف أمام مدلولات المفاهيم والمصطلحات التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ نجد أنّ كل ما ورد من مفاهيم ومدلولات تتسق بطريقة أو بأخرى مع المفاهيم والدلالات المعجمية العربية لكلمة كره وإن جاءت في سياق الإعلان العالمي والعهد الدولي بمفاهيم أوسع وأرحب.

وهناك سلسلة من الضمانات الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على نحو: حرية التفكير والدين والضمير، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة والشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرًا أم جماعة، وحرية التعبير والرأي دون تدخل، ووجوب الاعتراف بحقوق الغير واحترامها، ولا تملك الدولة أو أية جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه.

واستخدم العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية كلمات: الحق في الفكر والوجدان ثم اختيار الدين الذي يدين به وفي إظهاره بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم بمفرده أو جماعة وأمام الملأ أو على حدة.

وحظرت المادة 20 من العهد وبالقانون أية دعاية للحرب وأية دعوى إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف. وهذه هي الإشارة الأولى الأكثر وضوحًا التي يتم فيها استخدام مدلولات مباشرة تختص بالدعاية للحرب التي تعني في أحد معانيها قتل الأخر وإقصاءه وبث خطاب كراهية ضده لتأليب الرأي العام عليه.

وفي الوقت الذي لم يستخدم في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كلمة إكراه فقد ذهب العهد الدولي لاستخدامها مباشرةً في سياق تحريمه وتجريمه لبث الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية.

ثالثًا: الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري

اعتمدت الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 21 كانون الأول / ديسمبر 1965 وبدء النفاذ بتاريخ 4 كانون الثاني / يناير 1969، حيث تشجب المادة 4 من الاتفاقية جميع الدعايات والتنظيمات القائمة على الأفكار أو النظريات القائلة بتفوق أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل اثني واحد، أو التي تحاول تبرير أو تعزيز أي شكل من أشكال الكراهية العنصرية والتمييز العنصري. وتجرم بالقانون الاتفاقية الدولية، في المادة 4 الفقرة أ " كل نشر للأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية، وكل تحريض على التمييز العنصري وكل عمل من أعمال العنف أو تحريض على هذه الأعمال يرتكب ضد أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل أثني آخر، وكذلك كل مساعدة للنشاطات العنصرية، بما في ذلك تمويلها". بل امتدت إلى تجريم بالقانون كل "النشاطات الدعائية المنظمة وسائر النشاطات الدعائية، التي تقوم بالترويج للتمييز العنصري والتحريض عليه، وحظر هذه المنظمات والنشاطات واعتبار الاشتراك في أيها جريمة يعاقب عليها القانون"، وذلك بحسب الفقرة ب من المادة 4.

القسم الثاني: مبادئ كامدن ومبادرة الأمين العام للأمم المتحدة لمواجهة خطابة الكراهية

أولًا: مبادئ كامدن

وضعت منظمة المادة 19 تعريفًا بدأ يأخذ مداه في الأوساط الإعلامية الدولية لخطاب الكراهية في سياق ما بات يعرف ب "مبادئ كامدن".

بحسب مبادئ كامدن فإن الكراهية هي «حالة ذهنية تتسم بانفعالات حادة وغير عقلانية من العداء والمقت والاحتقار تجاه المجموعة أو الشخص المحرض ضده». وتنص مبادئ كامدن في المبدأ 12 الفقرة الأولى على وجوب أن تتبنى جميع الدول تشريعًا يمنع أي دعوة للكراهية على أساس قومي أو عرقي أو ديني مما يُشكل تحريضًا على التمييز أو العداء أو العنف. ويجب أن توضح الأنظمة القانونية الوطنية بشكل صريح أو عبر تفسير رسمي ما يلي:

  1. أن كلمة الكراهية أو العداء تُشير إلى مشاعر قوية وغير عقلانية من الإزدراء، العداوة، أو البغض تجاه المجموعة المستهدفة؛
  2. إن كلمة دعوة تعني وجود نية لترويج البغض للفئة المستهدفة وبطريقة علنية؛
  3. إن كلمة تحريض تشير إلى التصريحات حول المجموعات القومية أو العرقية أو الدينية والتي تؤدي إلى خطر وشيك لوقوع التمييز أو العدائية أو العنف ضد أشخاص ينتمون إلى هذه المجموعات؛

ولا شك أن هذه المبادئ تشكل أرضية يمكن من خلالها البناء عليها في إعادة تطوير التشريعات الوطنية التي يتوجب عليها إعادة تعريف الكراهية باعتبارها تطورًا خطيرًا إذا تمّ استخدامها في سياقات سلبية تحض على التحريض والتمييز، دون أن يُشكل ذلك أي انتقاص من حرية التعبير تحت ذريعة التشدد في القوانين لحماية المجتمع والفئات المستهدفة من خطاب الكراهية، ومنعًا لحدوث ذلك وضعت المنظمة ست نقاط لوضع الحد المسموح الملائم بشأن تقييم أنواع التعبيرات التي تشكل "تحريضاً على الكراهية"، ويشمل:

  1. سياق التعبير، بما في ذلك مراعاة النزاعات القائمة داخل المجتمع، ووجود وتاريخ التمييز المؤسسي، وتاريخ الصدامات والنزاعات على الموارد، والإطار القانوني، والمشهد المتعلق بوسائط الإعلام. وفيما يخص تلك الوسائط، يتعين النظر في مسائل من قبيل الرقابة، ووجود حواجز أمام إنشاء مؤسسات وسائط الإعلام، وحدود استقلالية تلك الوسائط أو استقلالية الصحفيين، والقيود الواسعة النطاق وغير الواضحة على المحتوى المقرر نشره أو إذاعته والدليل على الإجحاف في تطبيق القيود، وغياب انتقاد الحكومة أو النقاش السياساتي المتنوع في وسائط الإعلام، وإمكانية وصول الجمهور إلى طائفة بديلة يسيرة الاطلاع من الآراء والخطب؛ 
  2. المتكلم، بما يشمل مراعاة منصبه الرسمي، ومستوى سلطته أو تأثيره على الجمهور وما إذا كان التصريح قد أدلى به الشخص بصفته الرسمية. فالسياسيون والمسؤولون العموميون أو الأشخاص ذوو المركز المماثل يتعين إيلاؤهم اهتماماً خاصاً؛ 
  3. نية المتكلم بالتحريض على الكراهية، وليس مجرد الاستهتار أو الإهمال؛
  4. محتوى التعبير، بما يشمل ما قيل والجمهور المستهدف والضحايا المستهدفين المحتملين، ولهجة الخطاب وشكله؛ 
  5. مدى التعبير وقوته، بما يشمل وسيلة النشر (صحافة، وسائط سمعية بصرية، أعمال فنية، إلى غير ذلك)؛ 
  6. احتمال حدوث الضرر، وما إذا كان وشيكاً.

ثانيًا: مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش في يونيو 2019 

أطلق أمين عام الأمم المتحدة، يوم الثلاثاء 18-حزيران-2019، استراتيجية وخطة عمل الأمم المتحدة بشأن خطاب الكراهية، الذي وصفه بأنه اعتداء على التسامح وحقوق الإنسان.

وأكّد أنّ الغرض من الاستراتيجية هو تعميق فهم جميع كيانات الأمم المتحدة بالتأثير الغادر للكلام الذي يحض على الكراهية، وكيف يمكن للكيانات الأممية أن تعالجه بشكل أكثر فعالية من خلال عملها.

وفي إحاطة غير رسمية للدول الأعضاء بقاعة المجلس الاقتصادي والاجتماعي (ECOSOC) بالمقر الدائم، قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش إنّ "خطاب الكراهية هو بحد ذاته هجوم على التسامح والإدماج والتنوع وجوهر معايير ومبادئ حقوقنا الإنسانية. على نطاق أوسع، إنه يقوض التماسك الاجتماعي والقيم المشتركة، ويمكن أن يرسي الأساس للعنف، معيقًا بذلك قضية السلام والاستقرار والتنمية المستدامة وكفالة حقوق الإنسان للجميع".

الأمين العام نبه إلى أنّ خطاب الكراهية يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعنف الذي أسفر عن عمليات قتل جماعية في العديد من أنحاء العالم مشيرًا إلى أنّ تطور وسائل التواصل والاتصال قد سهّلت تعميم خطاب الكراهية. 

"فمع وصول قنوات جديدة لخطاب الكراهية إلى جمهور أوسع من أي وقت مضى وبسرعة البرق، نحن جميعًا - الأمم المتحدة والحكومات وشركات التكنولوجيا والمؤسسات التعليمية - نحتاج إلى تصعيد استجاباتنا".

القسم الثالث: رصد لخطاب الكراهية في وسائل الإعلام اللبناني خلال شهر جزيران / يونيو 2019.

أولًا: خطاب الكراهية في الإعلام اللبناني

تأسيسًا على التزامها الوثيق بالشرعة العالمية لحقوق الإنسان والقوانين الدولية ذات الصلة وفي إطار الاستجابة لمبادرة الأمين العام للأمم المتحدة قامت لجنة دعم الصحفيين في جنيف برصد عينة من خطاب الكراهية في بعض وسائل الإعلام اللبناني تجاه اللاجئين وقد رصدت النماذج التالية:

سجّل شهر حزيران / يونيو 2019 صعوداً لافتاً لخطاب الكراهية تجاه اللاجئين السوريين في لبنان، في وسائل الإعلام اللبنانية المختلفة، ربطاً بالسجال الحاصل على الساحة حيال ملف اللاجئين السوريين في لبنان.

وفي حين اعتمدت بعض الأحزاب والتيارات السياسية أساليب لمحاولة معالجة الملف بدت أقرب إلى التحريض على الفصل على أساس عنصري، استلهمت بعض وسائل الإعلام التابعة لتلك الأحزاب والتيارات من هذه الأساليب خطابات أكثر حدّة وعنصرية تجاه اللاجئين في البلد.

وفي هذا الصدد، لاحظت لجنة دعم الصحفيين أنّ خطاب الكراهية يُستحضر بسهولة عند تناول قضايا إشكالية في لبنان كقضية اللاجئين السوريين، ما يؤدي الى ردّات فعل شعبية عنيفة في بعض الأحيان تأتي في سياق منسجم مع الخطاب العالي لبعض السياسيين والإعلاميين.

وقد رصد اللجنة قيام بعض الجهات السياسية مع الوسائل الإعلامية التابعة لها بنقل هذا الخطاب إلى الشارع، مما أسفر عن انتهاكات عدة للحقوق الإنسانية للاجئين في لبنان. منها "حملة شباب التيار الوطني الحر لإخراج العمال السوريين من أماكن عملهم تحت عنوان المطالبة بتطبيق القانون المحلي حول العمل".

وسجّلت الصحف اللبنانية أمثلة عديدة مثل الحملة التي نشطت في الآونة الأخيرة تحت عنوان "بتحب لبنان وظف لبناني". حيث نزل عدد من الناشطين السياسيين إلى الشارع بمواكبة من وسائل إعلامية، وجالوا على المحال التجارية التي يعمل فيها لاجئون سوريون تمّ تحميلهم مسؤولية البطالة في صفوف الشباب اللبناني. 
كما رصدت اللجنة عدة تقارير بثّتها قناة (OTV) اللبنانية تتضمّن انتهاكات واضحة لحقوق اللاجئين السوريين وتدخّلاً غير مبرراً في حياتهم الشخصية وأسلوب حياتهم؛ راجع: https://www.youtube.com/watch?v=gHZVZ-9Lh2s

ولاحظت اللجنة تنقّل خطاب الكراهية والتحريض ضد اللاجئين السوريين في أكثر من شاشة لبنانية.

فقناة الـ(MTV) اللبنانية أعدّت تقريراً محرّضاً على اللاجئين ربطاً بحادثة وقعت في بلدة «دير الأحمر» البقاعية، ونتج عنها تهجير أكثر من 700 لاجئ سوري، كانوا يقطنون مخيم «كاريتاس» وإصابة عنصر من عناصر الدفاع المدني.

ونقلت القناة تصريحاً لرئيس بلدية دير الأحمر، قال فيه: "كتار جرّبوا يفوتو قبل على دير الأحمر بالقوة، وما حدا بيقدر يفوت على دير الأحمر"، وهو ما اعتُبر استرجاعًا لخطاب مرحلة الحرب، فيما أنهت مراسلة القناة تقريرها واصفةً اللاجئين بأنهم "مخرّبون"، راجع: https://bit.ly/2Z90G9d
وترى اللجنة أنّ الخطاب الموجه ضد اللاجئين السوريين في الإعلام اللبناني، يكتسب "شرعيته" من الخطاب الرسمي اللبناني المتمثل في المواقف المثيرة للجدل لوزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، والحملة التي أطلقتها وزارة العمل اللبنانية تحت شعار "ما بيحرّك شغلك غير ابن بلدك"، التي قالت إنّ هذه الحملة تتزامن مع إطلاق خطة لمكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية على الأراضي اللبنانية، وفي مقدمتها العمالة السورية.

وعلى الرغم من تفهّمها لحقيقة أنّ وسائل الإعلام ليست المسؤولة الأولى عن صناعة خطاب الكراهية في لبنان، ترى اللجنة أنّ على الإعلام اللبناني أن يكون على حذر من الوقوع في تنميط خطاب الكراهية، وتدعوه إلى الابتعاد عن المفردات والتعابير التي تساهم في صناعته، كما تطالبه بالكف عن «تسييس» التغطية الإعلامية واستثمار القضايا الحقوقية في السجالات السياسية.

ثانيًا: خطاب الكراهية لبعض السياسيين اللبنانيين

هذا وقد رصدت اللجنة نماذج من مواقف لبعض السياسيين تتضمن شحنة من خطاب الكراهية منها:

  •  الثلاثاء ١٨ حزيران / يونيو ٢٠١٩

اعتبر عضو تكتل "لبنان القوي" النائب نقولا الصحناوي أن "99% من اللبنانيين وصلوا إلى مرحلة الغضب من موضوع النازحين السوريين، لافتًا إلى أنّ "هذا الموضوع ليس طائفياً ونحن نتحرك من منطلق وطني بحت، هناك مشكلة وجودية ويجب إعلان حالة طوارئ ولبنان دفع كلفة باهظة في هذا الملف.

  • السبت 15 حزيران / يونيو 2019 

رئيس "التيار الوطني الحر" ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل صرّح:

لبنان يتعرض إلى مؤامرة ولا يقولنّ أحد أنه ليس هناك مخطط لتوطين النازحين السوريين في لبنان وهناك منظومة إعلامية ومالية وسياسية تعمل على تشجيع النازحين على البقاء وتشن هجوماً علينا لمطالبتنا بعودة النازحين
وفق أي معادلة يستأجر لبنان الكهرباء من سوريا ويدفع ثمنها لكنه لا يجوز له أن يتقاضى رسوم الكهرباء من النازحين السوريين؟
في أصغر مخيم تدهمه الأجهزة الأمنية تضبط قطع سلاح فأي تبرير لوجود السلاح في مخيمات النزوح

  • الخميس 13 حزيران / يونيو 2019

وزير العمل كميل أبو سليمان يقول: 

بات النازحون السوريون ينافسون اللبنانيين على فرص العمل، كما تفاقمت ظاهرة العمالة غير الشرعية التي تُشكل خطرًا على الأمن الاقتصادي والاجتماعي

يُذكر أن منظمة العفو الدولية كانت قد أشارت في 12 حزيران / يونيو 2019 إلى أنه وعلى الرغم من مزاعم الحكومة اللبنانية بأنّ العودة إلى سوريا طوعية، تُظهر حوادث مثل الهجوم على دير الأحمر أنّ الحياة أصبحت لا تُطاق بالنسبة للاجئين، ما يترك الكثيرين بلا خيار سوى العودة إلى سوريا.

القسم الرابع: التوصيات

إنّ اللجنة وإذ تُسلط الضوء على هذه التجاوزات بحق اللاجئين في وسائل الإعلام اللبنانية، تُعيد التأكيد على التالي:

  • ضرورة اتخاذ الدولة اللبنانية كافة الإجراءات الضرورية لوضع نصوص قانونية تُجرّم الخطابات المتضمنة للكراهية لاسيما ضد اللاجئين والنازحين.
  • الدعوة لكافة وسائل الإعلام اللبنانية إلى ممارسة أعلى درجات الرقابة الذاتية إلتزامًا بمعايير الكرامة الإنسانية والحرص على مبادئ حقوق الإنسان حيث أنّ هذا النوع من الخطابات يمكن أن يقوّض أسس الاستقرار في المجتمعات الإنسانية.
  • اعتماد مبادئ أخلاقية في تغطية قضايا الهجرة، على الصحفي أن يتمتع بالمهنية العالية والمصداقية والحيادية والشفافية خلال تغطية قضايا اللاجئين والمهجرين.
  • تحييد الصحفيين عن العمل السياسي، على الصحفي أن يتمتع بالاستقلالية التامة حيال قضايا اللاجئين، فيجب على الصحفي أن يكون مصدر محايد للمعلومات وليس أداة لتمرير مكتسبات سياسية.
  • تجنب القوالب النمطية خلال التغطية الإعلامية أو التقارير الإعلامية أو المنشورات على منصات وسائل التواصل الاجتماعي حيال اللاجئين والمهجرين وتقديم قضاياهم استنادًا لمبدأ الاحترام والنزاهة.
  • الحاجة الماسة لتعزيز الوعي الاجتماعي والتسامح والاحترام المتبادل وذلك عبر الاستخدام المسؤول لشبكة الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى الحوار بين الثقافات.
  • تأمين منبر لتيسير إمكانية وصول صوت اللاجئين إلى وسائط الإعلام.
  • إنشاء مؤسسات متخصصة تكرس اهتمامها لقضايا المهجرين واللاجئين، ومثال يُذكر في كينيا حيث أنشأت لجنة تحت مسمى "اللجنة الوطنية للترابط والإدماج"، وذلك على أعقاب العنف الناشئ عن خطاب الكراهية خلال الانتخابات الرئاسية عام 2007، حيث كانت اللجنة مكلفة بتعزيز الوئام بين الإثنيات والتحقيق في الشكاوى المتعلقة بالتمييز الإثني أو العنصري، وتواجه خطاب الكراهية من خلال إجراءات تتضمن وضع مبادئ توجيهية لوسائط الإعلام وكتيبات تدريبية لموظفي وتنظيم حلقات عمل ومؤتمرات.

 

لجنة دعم الصحفيين - سويسرا
8 يوليو / تموز 2019